ليست
بي طاقة للتقديم والتمهيد، سأحاول السيطرة على اعصابي والتمتع بكل ما يمكنني انتحاله
من هدوء وادخل في الموضوع مباشرة
قرأت بعض مما نشر في صحف اليوم احتفالا
وإحياءا للذكري الأولى لما حدث العام الماضي في محمد محمود
هنمشي هنا واحدة واحدة:
هناك صحف
وهناك ما وقع في محمد محمود ولا أعرف مسماه ((أحداث ، مذبحة، معركة..؟؟) ، لا اعرف وسأتحدث في هذا تفصيلا
وهناك من كتب احتفالا ومن كتب احياءا لذكرى
وكلا الهدفين يستحق التوقف عنده تفصيلا
بعد عام مما وقع في محمد محمود استطاع الحدث
وإصرار الثوار على رؤيتهم له أن يفرضا نفسيهما على معظم وسائل الإعلام، فلن تجد كثيرا
ذلك الحديث عن البلطجية المأجورين الساعين لتأخير المسيرة اليمقراطية وتعطيل
الانتقال السلمي للسلطة (الذي لم يكن ليحدث في هذا الموعد لولا ما كان في محمد
محمود). ستجده احيانا ولكن ليس كثيرا جدا.
لهذا
لم يكن غريبا ان تسعى الصحف القومية لعمل ملفات وتقارير تتصل بالحدث حتى لا تغيب عن
المنافسة، فمع منهج السلطة الجديدة بانتحال الثورية، يصير عبدالملك ملزما بالصلاة
على طريقه مليكه.
سأضطر الآن للتوقف عن هذا الحديث، وأعود له لاحقا لأني وعدت زميلة بالرد على التساؤلات التي تغزو فيس بوك وتويتر الآن حول
مغزي (الموت المجاني الجاري في محمد محمود) بينما تكتب هذه التدوينة
ينتظر المنظرون أو من يراقبون الحدث
في محمد محمود (الساعات الاولى من صباح 20 نوفمبر 2012) أن يكون لكل من ذهب اليوم الى
الشارع هدف او مطلب سياسي ما، وهم يفترضون ان كل من كان في محمد محمود العام الماضي
غدا الى الاستشهاد والاصابة عالما، كان هناك لانه يريد اقالة شرف وإزاحة العسكر
وتشكيل مجلس رئاسي مدني
عندي لكم مفاجأة صغيرة: أغلب من كانوا
في محمد محمود العام الماضي واستشهد منهم واصيب الكثير لم تكن لهم مطالب وأهداف سياسية،
في اليوم الثاني (20 نوفمبر) قام ناشطون مسيسون في عدة اجتماعات حضرت احدها بصياغة
اهداف مطلبية والاتفاق عليها،
لكن من كانوا في الشارع ليلتها، من وصلوا للميدان بعد كر وفر استمر لساعات،
لم تكن لديهم أية أهداف ومطالب سياسية ، قضوا الليل حتى صباح اليوم التالي يقاتلون
دون أن تكون لديهم اهداف ومطالب سياسية، انضم اليهم مئات آخرون قبل حلول الصباح ومع
بداية اليوم الثاني دون ان تكون لديهم اهداف ومطالب سياسية، ومعظم من بقوا في
الشارع يقاتلون حتى الهدنة الاخيرة
لم يعرفوا بالاهداف والمطالب السياسية التي اعلنت.
بصراحة حتى الان لا اعرف من اين اتى
يقينكم الذي لا يخالطه الشك ان التحركات في الشارع التي تصل الى حد معارك الموت وحصد
الارواح في محمد محمود أو غيره تأتي لمطالبات سياسية
ما يحدث بالضبط انه يتم تركيب المطالب
السياسية على التحرك الحادث لا العكس، الشارع هو من يفرض على السياسيين الحركة والسياسيون
هم من يفرضون على الشارع اهداف.
لمتى سنظل ننكر هذه الحقيقة؟؟؟
لم ينزل من راحوا لمحمد محمود في
التاسع عشر من نوفمبر 2012 بعد عام من الحدث لكى يطالبوا بشئ ولا ليحتفلوا بالذكرى
او يحيوها، كثير منهم خرج من بيته انتظارا لفرصة ثأر، هذه حقيقة ، كثير ممن كانوا في
الشارع اليوم كانوا يتمنون حدوث اشتباك يعرفون انهم لن ينتصروا فيه فهم ليسوا اصحاب سلاح، وهل كان يطلب من قاتلوا لستة
ايام متواصلة العام الماضي حصد ارواح الضباط والجنود؟؟
الصمود كان ويظل هو المطلب، والقتال
كان ويظل مطلب، واللحاق بمن رحلوا كان وسيظل مطلب ، لم تحتقرون الثأر؟؟ الثأر سُنّة
انسانية مشروعة، فان انعدمت العدالة بالسبل التي استقرت عليها الدولة فلنعد للعرف والفطرة
الانسانية الصرفة، فحتى بالتنظير الذي تعشقونه مصر الان سياسيا واجتماعيا في مرحلة
ما قبل المجتمعات، المرحلة الفطرية الصرفة، فلنتمسك بمفرداتها إذن.
أرأيتموهم هناك العام الماضي؟؟
أرايتم الاجساد النازفة التي تكتفي
بقطعتين من الشاش ثم تحجل بساق مهترئة بفعل الخرطوش لتلحق بالصفوف الأولى؟، أرأيتم
الموت الذي سكن هذا الاجساد وتوحد بها؟؟
لم تفرضون قواعد عالمكم عليهم؟ لم
تظنون انهم ينتظرون ما تنتظرون؟
ليس كل من هناك يحلم بغد افضل لكم
ولبلدكم، هو هناك لانه اكتفى، لانه يعرف ان هذا الظلم لا يمكن التعايش معه، لا يمكن
الخضوع له ، هو هناك لانه يرى الموت دون كرامته هو وحده الخاصة هدفا ساميا
هو هناك لانه سئم اجتراح الحياة من
موت صار يسكنه.
ليس هذا كلاما شاعريا، إن نظّرت يا
عزيزي صاحب السياسة، فلأنك لم تستنشق الموت أو تزدرده حد التشبع، لا تعرف ان الخلاص
منه لا يكون الا بالفناء فيه
تريد ان ترى محمد محمود وترى الثورة
لوحة شاعرية جميلة دافئة حافلة بالتضحية
انت لاتريد ان تفتح عينيك على ان
الثورة اشلاء
الثورة اجساد متشنجة تدفعها تشنجاتها
العنيفة للسقوط عن الموتوسيكل الذي ينقلها خارج شارع محمد محمود، الثورة عيون فقئت
لن يرى اصحابها النور، قل في شاعرية ذلك ما تقله فانت مشاهد انت لم تذقه، انت تستطيع
التعايش مع قدرتك على الحياة عبر تحويل الموت للوحة زاهية
الثورة يأس مرير من ان تنصلح الامور
دون موت ودماء، هؤلاء في الشارع لا يخافون مثلك أن تنقضي دورة حياتهم ون هدف ملموس،
هم هناك لأن ورة الحياة ليست في الحسبان من الاساس فالموت لهم قد تجرد، هم قد عرفوه
حق المعرفة ، اختبروه فأيقنوا انه ليس فناء الجسد
هو بالداخل يسكنهم فلا تدعّي أنك
تعرفه أفضل منهم
لا اريد ان استرسل كثيرا ولن افكك
السؤال الان ولن اتحدث عن الابتذال حتى لا امارسه
بالله عليكم كفوا عن ابتذال خياراتنا،
كفوا عن ابتذال خياراتهم
كلمة
"مراهقة ثورية" كلمة مجانية، اكتبها كما تشاء من على كيبوردك فوق كنبتك الوثيرة،
لن يطلب منك احد ان تتخذ خياراته وتسانده او تنزل للشارع من اجل لا شئ سوي إيمانك بحتمية
ان تكون هناك، وكما لن يفرض عليك احد خياره
لا تفرض على احد خيارك ولا تبتذل خياراته،
كفانا ابتذالا