ليست هذه محاولة لهز اى كلوبات او تهشيم اخرى فالحقيقة انه لا توجد اساسا اى مصادر اضاءة يمكن الاعتماد عليها حتى يمكن النقاش بشان استبدالها
هذا البوست هو محاولة لرزع افكار كثيرة تدور فى راسى منذ مدة ظلت تقافز فى راسى كالشياطين وانا ادافعها عنى ، الا ان بوست عبد الرحمن جعل تقافزاتها تتزايد حتى صارت اى محاولة لكبحها هى مجرد محاولة للانتحار من خلال استجلاب المزيد من الصداع .
انا لا اختلف مع صديقى كثيرا فى ان هناك صناعه تمت لخطاب اعلامى ما يهدف الى تحويل نهى الى صورة وانموذج للفتاة كما ينبغى ان تكون ، الحقيقة انى ارى فيما صنعته نهى فى مجتمع يستهجن اتخاذ فتاه مثلها اى خطوة ايجابية بطولة حقيقية
فالبطولة تاتى من اتخاذ جانب الحق - او ما يراه المرء حق - تحديا للسائد، والاستعداد لتحمل تكلفة ذلك ،
حقا ان نهى ليست بطلة اغريقية تواجه مصيرها مجردة من مساندة قوى عليا ، ولكنها لديها المركز الاجتماعى والقدرة المادية التى تشى بالانتماء لطبقة - الهة من نوع خاص - قادرة على المساندة وانتزاع الحق للبطل " نهى "
انا اتفق مع صديقى ايضا فى ان ما فعلته نهى غير متاح لاخريات عديدات لا تساندهن الهة مال او سلطة ، لكن هذا فى رايى لا يقلل من بطولتها شيئا حتى وان كان وسطها الاجتماعى لا يدين تصرفها او يرى انها بهذا " فضحت نفسها " .
لن اعرض هنا لحديث سابق مع زميل حول التحرش والنرفانا فليس هذا وقته
انا اريد ان اتكلم تحديدا عن النقطة التى اثارها عبد الرحمن التى تتعلق بصناعة الخطاب الاعلامى وبناء النموذج وتقديم القدوة التى يراها هو صورة الامازونية القوية المسترجلة او المعادية لجنس الذكور لانى اعرف دقته الشديدة التى يتحراها دوما.
انا لن اناقش اى قيم على الاطلاق بل ساحاول ارتداء عباءة الحكيم القديم " التى يعرف البعض منكم انى امتلكها " واجلس جلسة القرفصاء الشهيرة " لدى البعض منكم دون اخرين " لكى انظٍّر لكم ابنائى حول قضية صناعة الخطاب وبناء الصورة الذهنية نهى رشدى نموذجا
الحقيقة يا رفاقى ان صناعة الصورة الذهنية الخاصة بنهى من قبل بعض وسائل الاعلام باعتبارها بطلة " غير شعبية " هو فى الحقيقة ليس وليد الاتفاق على الاطلاق ، تاتى قضية نهى رشدى فى مجتمع محتقن جدا.
الحقيقة انه فى هذا المناخ المحتقن يتم بسرعة شديدة تصعيد كل ما يتعلق بالجسد وتسليط الضوء عليه بقوة "لان ده اللى بيبيع" ، تعالوا معا نفحص ما هى اجهزة الاعلام التى تعاملت مع نهى رشدى كبطلة ، وسنجد ان الامر كاد ان يقتصر على برامج التوك شوز على القنوات الفضائية الى جانب البيت بيتهم على ما اذكر
لننظر معا من صانع الخطاب فى هذه المصادر مجتمعه .. فلعبة الاعلام عليك فيها ان تضع نصب عينيك هوية القائم بالاتصال وميوله ومصالحه التى يسعى لخدمتها ، ان صانع الاعلام فى القنوات الخاصة ليس صانعا واعيا تماما فى الواقع فانا اعرف من هم معدى البرامج ومقدميها واعرف جيدا يا صديقى /تى ان وعيهم مجتمعين لا يزيد كثيرا على وعى ابنه بواب عمارتكم التى هى فى الثالثة من العمر وهذه فاكت اخرى .
لنلتفت معا الى ان نشر قضية نهى رشدى او لنقل مشكلة نهى رشدى مع المتحرش معها جاء فى السابع عشر من يوليو الماضى على يد الزميلة هدير المهدوى فى البديل لم يلتفت وقتها احد للامر اللهم الا بنوت غاضب لى على الفيس بوك وتدوينة رصينة متاملة لك ان تختلف او تتفق معها " نعم قدمت الاختلاف على الاتفاق " لدى الزميل نائل الطوخى فى بوست فارق جدا ومختلف ويفتح افاقا لقضايا اخرى لا سبيل للحديث عنها الان .
لم تلتفت اى من وسائل الاعلام سواء تلك التى يمولها رجال اعمال من ذوى الثقل الاقتصادى وقادة الليبرالية الجديدة ام التلفزيون المصرى الذى نموله انا وانت من جيوبنا وهو فى الواقع " بيهيص فى الزيطة " هذا لان قضية نهى وقتها – عندما اثارتها هدير للمرة الاولى – لم تكن قضية بتبيع فلم يلتفت اليها احد الى ان علت الوتيرة باصرار نهى على التقاضى ومن ثم بدأ اهتمام المدونات وجروبات الفيس بوء وسواها من الوسائط التى صارت محركا حقيقيا للراى العام السائد بين الشريحة المهتمة بالقضايا المتعلقة بالحريات تحديدا والتى تتعامل مع هذه الوسائط استكمالا لرونق تحبه هذه الشريحة يعطيها احساسا بالفعل والقدرة على التاثير ولو فى محيط محدود ممن يتبنون ذات الافكار .
وسائل الاعلام اذن يا رفاق لم تصنع خطابا على الاطلاق بل انتظرت لتستثمر خطاب قائم غذاه عدم الوعى من قبل القائمين على هذه الوسائل من جهة وحب الفضائحية والتشهير الهوس بالجسد الذى ما زال داخل نفوس الجميع وان خرج فى شكل المطالبة بحريته او عدم المساس به من قبل المتحرشين وسواهم .
ما اقوله هنا ان البنيان الاعلامى فى مصر يتسم بالعشوائية الشديدة ولا يمكن اتهامه على الاطلاق بجريمة التخطيط والمنهجية فى العمل ، لاحظت ما كانت تقوله المذيعة العقيمة الفكر- بتنرفزنى موت الحقيقة - فى قناة OTV فى برنامج مساءك سكر زيادة " هم جايبين البتاعة دى منين " كانت الفتاة تتحدث بانفعال غير مبرر وتنهمر الكلمات من فمها غير ملجمة وغير مدروسة على الاطلاق يمكننا بضمير مطمئن ان نقول انها كانت ستتحدث فى الفسحة بنفس الطريقة التى تحدثت بها فى البرنامج اثناء تعليقها على الحكم فى قضية نهى رشدى ، كان حماسها مضحكا جدا .
نحن اذن امام خطاب غير متزن وغير عقلانى بالمرة لا يتسم باطر عمل واضحة ابدا رغم انى تصورت ان قناة او تى فى تحديدا لوعى مالكها الشديد سياسيا واهدافه التى يعرفها العديدون ستكون اكثر منهجية فيما تقدم وتتبنى من قضايا وستتخذ شكلا احترافيا واعيا فى الطرح ، الا ان القناة خيبت ظنى كالعادة ربما ظن ساويرس ان استقدام الجهلاء غالبا سيجعلهم دمى اسهل فى التحريك والاستخدام ، ليس نقد القناة موضوعنا على كل حال .
ناتى هنا لاعتبار صناعة الخطاب تهمة :
الحقيقة على الرغم من ان بوست عبد الرحمن وبعض التعليقات عليه يدين فكرة قيام الاعلام ببناء صور ذهنية معينة او تسييد خطاب معين ويعده تهمة فانا لا اعده كذلك على الاطلاق ، يبدو اننى ساغرق هنا فى جدل حول جدوى الاعلام الموجه وادانته من عدمها ، الحق ان الامر كذلك بالفعل انا اكره الاعلام الموجه ولكنى لا ادينه ، من حق كل فئة اجتماعية ان تروج لمصالحها هذا طبيعى جدا ومشروع جدا ايضا فلماذا ندين استخدام وسائل الاعلام كبوابة من قبل هذه الفئات للترويج لمصالحها ؟
الا ترون معى ان فى هذا تناقض؟
فى سبيل تسييد قيم بعينها يلجا الاعلام الى واحد من سبل ثلاث
اما الدعاية البيضاء
او الدعاية السوداء
او الدعاية الرمادية
فى هذه الاخيرة لا يبنى الخطاب الاعلامى الموجه بكامله على الاكاذيب وانما يعتمد خلط الحقائق الثابته بالاكاذيب، واستخدام الالعاب اللغوية شائع جدا فى هذه المنطقة هتك العرض يتحول الى تحرش جنسى ويتم اسقاط العبارة الاولى لصالح الكلمة الثانية التى صارت اكثر شيوعا فى وسائط الاعلام الجديدة لن اعرض هنا لتاريخ الالعاب اللغوية واستخدامها اعلاميا لبناء الصور الذهنية او تحويرها يمكنكم ان تجدوها فى العديد من المصادر المهتمة بالدراسات الاعلامية
ولكن فى قضية نهى رشدى تحديدا لم يات هذا التحرك من جديد عن وعى وانما بجهل بالقضية وكم كنت سارفع لهم القبعة - لو ان لدى واحدة - احتراما لو انهم يعون ما يفعلون ولكن يا صديقى هذه هى اول قضية يصر اقوى اطرافها " وهو هنا المجنى عليها ورفاقها وفريق دفاعها " على ان توصيف التهمة هو التحرش وليس هتك العرض الذى يحمل فى المخيلة دلالات تتصل باستكمال الفعل الجنسى تماما او فقد البكارة تحديدا " اذكر قضية فتاة العتبة وما كتب حولها " فيما لا تتصل كلمة التحرش بذات الدلاله مما يجعل الخوف من التحرش وتجريس المتهم به فى المحاكم كما يقترح ربيع اقل وطاة على المجنى عليها حيث لن يستتبع الامر هنا تجريس مماثل لها بالضرورة
هى سلطة اللغة يا صديقى .... سلطة العلامة اللغوية وما تحمله من دلالات
انا لا اقول ان هذا تم بوعى ولكن بشكل ما تعد هذه فعلا اول قضية تحرش لانها وصفت بذلك لاول مرة
حول صناعة الامازونيات :
انت تعرف انى ارى فى حملة احترم نفسك لسة فيكى رجالة يا مصر حملة خزعبلية من شوية عيال فرافير وليزعل من يريد ان يزعل
ان ترسيخ فكرة الانثى الضعيفة التى يجب ان تظل مستكينة الى ان ياتى الذكر الشهم لينقذها وينكل بمن عرضوا بها او لها هى فكرة انهزامية تماما يا صديقى
فلننظر معا الى الوضع الامنى فى الشارع ولنفترض ان شخصا شهما مثلك قرر ان يتدخل لانقاذ فتاه من واحد او مجموعة من المتحرشين بها فهل سيجد فى الشارع من يسانده ؟
ستطالك مطواه ما او على اقل تقدير خبطة ما تكسر فيك عظمة ما
الوضع الان يجعل من الشهم متقوقعا خائفا على نفسه والا فستكون حياته او امنه وسلامته الشخصية ثمنا ، فكيف تطلب من فتاة ما ان تنتظر شهما ينقذها
لماذا الاصرار على ترسيخ صورة الفتاة مهيضة الجناح الضعيفة التى لا تملك من امرها شيئا ولا تملك لشر يحيق بها دفعا ؟
هذا ما لا افهمه ، ليس فى الاحساس بالقوة والقدرة على الدفاع عن النفس ما يتعارض ابدا مع اقامة علاقات انسانية سوية تماما مع الجنس الاخر بل العكس هو صحيح ان الاصرار على انتظار الجنس الاخر ليدفع ويحمى هو ما يجعل العلاقات تتسم بالتبعية من قبل طرف لحساب طرف اخر هو ما يربى الخوف والاحساس الدائم بالتهديد بينما الاحساس بالقدرة على الدفاع عن الذات والانتصار لها هو ما يعزز الثقة بالنفس والقدرة على فهم الاخر السوى ومعاملته بشكل سوى كذلك ولكننا دوما نحب ترسيخ الصور السائدة ونخشى من اى تغيير يهدد سلطة ما قائمة .
على هامش التدوينة :
الدولة بالفعل منسحبة منذ زمن
الدولة بالفعل سايبة الناس تقطع فبعض وتخلص من بعض
وليس على ان اتحمل التحرش او الاغتصاب للدفاع عن قضيتى التى تذهب الى ضرورة اجبار الدولة على القيام باعبائها التى ادفع لها الضرائب من اجلها واقلها توفير الامن لى ، هناك استثمار للحدث
هذا صحيح
هناك من ياكلون عيشهم على حساب التشهير بالاخرين او صناعة ابطال بعينهم وهذا صحيح
وربما كانت قضية نهى رشدى حلقة فى هذه السلسلة الجهنمية
هذا صحيح ايضا
ولكن هذا لا يعنى ان على نهى وسواها ان تكون مستكينة ضعيفة
ولا يعنى ان وسائل الاعلام لدينا تخرج عن مجموعة من الارزقية النصابين الذين لا يحملون اى هم مجتمعى ولا يهمهم سوى تضخم حسابات القائمين عليها فى البنوك
كل هذا لا يعنى انك فى دولة بالفعل تنتظر منها ان تكون سوية او يكون ناسها اسوياء يا صديقى
************************
تحديث ما قبل النشر :
ما جاء ببرنامج تسعين دقيقة مساء الاربعاء 29 اكتوبر من شجار واتهامات متبادلة تهدد باسقاط القضية ضد المتحرش بنهى رشدى وتبرئته وتحويلها هى الى متهمة يؤكد ما قلته عن العبث الاعلامى وعدم المنهجية والجرى خلف الفرقعة والسبق الذى يحقق اعلانات اكبر بعد استجلاب نسب مشاهدة اعلى او توزيع اكبر ، لو كان هناك خطاب لصنع الامازونيات او تسييد منطق القوة من جانب النساء وكان خطابا ممنهجا بالفعل لما جرى ما جرى فى تسعين دقيقة ولا ما سيجرى من تطورات فى هذه القضية اعلاميا فى الايام المقبلة
اعلم ان البوست طويل جدا اعان الله من سيقرا على استكماله