Thursday, October 17, 2013

في البحر... مهربين، حطام سفن، الرحلة المروعة للاجئين السوريين الساعين للوصول للسويد

تقرير صوفيا جونز 
نشر بمجلة فورين بوليسي في السادس عشر من أكتوبر الجاري  

الاسكندرية – مصر
تقف سهى في غرفة قذرة في قسم شرطة كرموز. عينيها حمروان جراء أيام من البكاء، وطفل صغير يدلك يدها برفق في محاولة للمواساة...
"ماتوا بين ذراعيّ" تقولها بضعف بينما تنحدر الدموع على جانبي وجهها "مات ثلاثتهم".
سهى لاجئة سورية من اصل سوري، فرت مؤخرا من أهوال الحرب في سوريا لتجد المزيد من الاضطهاد والبؤس في مصر. هي واحدة من آلاف اللاجئين السوريين الذين خبروا الرحلة القاتلة التي تستمر أسبوعين في قارب عابر للبحر إلى اوروبا بحثا عن حياة أفضل.
في الحادي عشر من أكتوبر صعدت سهى بصحبة 1600 لاجئ آخر إلى قوارب متداعية تنتظر على شاطئ الإسكندرية. القوارب اصطحبت المجموعة إلى زورق أكبر حجما متجه إلى سواحل إيطاليا. من هناك خططت سهى للسفر إلى السويد التي أعلنت عن استعدادها منح اللجوء للسوريين الواصلين إلى أراضيها. كانت تعرف أنها رحلة خطرة: قبل أسبوع، غرق قارب آخر كان يحمل مهاجرين أفارقة غادروا من الساحل الليبي ليغرق قاربهم أمام ساحل جزيرة لامبيدوسا بإيطاليا، منهيا حياة 350 شخصا.
الكابوس كرر نفسه في رحلة سهى. اللاجئون مكثوا في االقارب الكبير لسبع دقائق فقط قبل أن يبدأ في الغرق. وقالت وسائل إعلام مصرية أن 12 شخصا قُتِلُوا خلال الواقعة. رغم أن اللاجئين قالوا إن عدد المتوفين يتجاوز ذلك الرقم كثيرا.
البحر مغلف بالظلام، وسهى تلهث من أجل بعض الهواء بينما تتعلق ببناتها الأربع (أعمارهن 3،5،6، و8 سنوات)، لم تكن تعرف كيفية السباحة، وتمنت أن تتمكن سترة النجاة التي ترتديها من حماية حياتها وحياة بناتها، لكن سرعان ما أيقنت أنهم في الغالب سيغرقون جميعا.
واجهت سهى خيارا مستحيلا، هل عليها أن تختار طفلا واحدا وتكافح كي تنجيه، وتترك الثلاثة الآخرين يغرقون؟ لم تتمكن من ذلك، فهذ يخالف كل ذرة من غريزة الامومة يحويها جسدها.
غمرتها الأمواج، جاذبة واحدة من طفلاتها بعيدا عن قبضة سهى المستميتة، الفتاة الثانية حاولت التمسك بساق سهى، لكنها فقدت قدرتها على القبض على الساق الممتدة، وفي ذات اللحظة غلبت مياه البحر جسد الطفلة الثالثة لتغرق بينما تمسك بها أمها. هيا وسما وجوليا فُقِدْن في البحر، ابنة واحدة – الكبرى- بقيت على قيد الحياة.  
لست ساعات، طفت سهى وابنتها على سطح المياه. وبين وقت وآخر تشهد استسلام أحد أفراد المجموعة حولها للإرهاق وانزلاقه لأسفل وسط المياه المظلمة.
لم تأت المساعدة قبل طلوع النهار
السابحون الذين جرفتهم الأمواج قرب الشاطئ كانوا أول من استرعى انتباه الصيادين الذين أبلغوا البحرية المصرية. لكن حتى وصول البحرية؛ لم يضع حدا للكارثة المحيقة باللاجئين: لقد تجمعت القوات البحرية لتحيط باللاجئين وتلتقط الفيديوهات للحظات غرقهم المستمرة في المياه بحسب شهادات العديد من الناجين.
لم يكن رجال القوات البحرية وحدهم غير المبالين بمعاناة اللاجئين، شهدت عدة نساء من الناجيات ممن احتجزن في قسم الشرطة لأحد الاطباء الزائرين، أنه عندما تم جذبهن لقوارب الإنقاذ، وبينما جثث الغارقين لاتزال طافية في المياه، قال لهن الصيادون في تحرش واضح "بناتكن جميلات هل يمكن أن نتزوجهن؟"
ليس من الصعب رؤية لماذا يصارع السوريون للخروج من مصر: فمنذ إزاحة العسكريون للرئيس محمد مرسي في الثالث من يوليو، صار السوريون هدفا لحملات الكراهية وهيستريا الزينوفوبيا[1]. واحدة من الخطوات الأولى للحكومة الجديدة كانت تقنين حصول السوريين على تأشيرة دخول[2]، مما جعل عملية الدخول لمصر مستحيلة تقريبا للعديد منهم. والكثير من اللاجئين السوريين الموجودين داخل البلاد بالفعل اتهموا بالمشاركة في المظاهرات الإسلامية المسلحة، مما قاد للقبض عليهم والتعدي عليهم بدنيا وترحيلهم إلى خارج البلاد.
لكن الحرب القائمة في الوطن والاضطهاد خارجه لم تكونا المحنتين الوحيدتين اللتين يواجههما السوريين. فمن قابلناهم من الناجين من واقعة الغرق تلك، ولاجئين آخرين كانوا في قوارب أخرى اعترضتها السلطات المصرية أمام شاطئ الإسكندرية تحدثوا عن شخص يدعى إلياس أبو إبراهيم، يقولون أنه الرجل المسؤول عن عمليات التهريب لديه مكتب في الإسكندرية وأسطول من المراكب البحرية، بالإضافة لتجارة مزدهرة تعتمد على بيع وعد البداية الجديدة في أوروبا للاجئين السوريين.   
لكن وعود أبو إبراهيم – يقول الناجون- محض وهم. عشرات اللاجئين الذين استعانوا برحلات أبو إبراهيم تعرضوا للسرقة على يد بلطجية يحملون أسلحة بيضاء بمجرد صعودهم إلى القوارب. كان فخا، كل شئ تم الاستيلاء عليه: خواتم الزواج والأموال والهواتف المحمولة وحتى الثياب. يقول رجل أعمال سوري يدعى سمير أن اللصوص سرقوا 10 ألاف و500 دولار من أسرته. هذه الاموال كانت ثمن بيت الأسرة المباع في جنوب درعا السورية، الذي اضطر سمير لمغادرته بعد أن هدده نظام بشار الأسد بقتل أطفاله، اللصوص المصريون استولوا على كل قرش.

السوريون المعتقلون في قسم شرطة كرموز يعتمدون على التبرعات في كل شئ تقريبا: الطعام والملابس، الأدوية وحفاضات الأطفال. "طاهر مختار" الذي يعمل طبيبا مقيما لطب الطوارئ يتطوع لعلاج اللاجئين المحتجزين في قسم الشرطة بلا مقابل، يقول طاهر إنه لا يوجد تركيبات علاجية كافية لرضيع محتجز في قسم الشرطة، ولد قبل أيام من رحلة القارب المميتة. ووفقا لمختار، فإن والدة الطفل غير قادرة على إرضاعه طبيعيا بسبب الضغط النفسي الشديد وقلة الطعام الجيد في الحبس.
علامات الحرب بادية على اللاجئين، يرفعون قمصانهم ويحسرون سروايلهم عن سيقانهم لتبدو ندوب الرصاص والأسلحة البيضاء. لكن وجوه الأطفال تحمل الكثير من التقيحات وجلطات الجروح— وهي ليست أثرا متخلفا عن الحرب الدائرة في وطنهم الأم، ولكنها ناتجة عن ظروف الاحتجاز في السجن القذر. "إنها ظروف غير إنسانية" يقولها بينما يهز رأسه "الجرب ينتشر بينهم الآن".
في الممر الموصل بين مدخل الحبس والغرفة التي يحتجز فيها اللاجئون السوريون، الذين يجري تفريقهم عن النساء في الليل، تتداخل الأحزمة الملقاة على الأرض، تستخدم هذه الأحزمة عينها في جلد المحتجزين. علامات رسمتها أيد دامية على الحوائط القريبة من الباب ذو القضبان الحديدية، الذي يقبع خلفه شباب مصريون. "كيف يتعلمون لو لم يكن بهذه الطريقة؟" يتساءل مسؤول قسم كرموز بلا مواراة.
يقول اللاجئون المحتجزين في قسم كرموز أنهم لم يتعرضوا للتعذيب، لكن صرخات المحتجزين المصريين تعيد إليهم ذكريات الكوابيس التي خلفوها وراءهم في سوريا. يقول مختار (الطبيب المقيم) أن علامات الكرب والمرض العقليين صارت واضحة على اللاجئين المحتجزين.
كل اللاجئين الذين جرى احتجازهم عقب محاولتهم لعبور البحر على متون القوارب، سيتم غالبا ترحيلهم من مصر بناء على طلب أمن الدولة، وفقا لما يقوله نائب رئيس السجن تامر النشار. الذي بيّن أن معظمهم سيتم إكراههم على العودة لسوريا. والمحتجزين السوريين ممن ليست لهم اصول فلسطينية سيتم تخييرهم بين الترحيل إلى تركيا أو لبنان أو العودة لسوريا، ورغم تلك الاجراءات يقول النشار إن البعض تمكن من الفرار إلى أماكن أخرى بينها تونس وذلك عبر استخدام الصلات (الوساطات) أو الرشاوى.
 كثير من اللاجئين السوريين ضبطوا بوصلتهم على السويد كوجهة نهائية لهم، باعتبارها البلد الوحيد في الاتحاد الأوروبي الذي قرر نهائيا أن يستوعب كافة اللاجئين السوريين الواصلين إليه. لكن العديدين أيضا أساؤوا فهم سياسة الدولة، وظنوا أن السفارة السويدية في القاهرة ستمنحهم تأشيرات الدخول أو حق اللجوء، أو ظنوا أنهم لو تمكنوا بطريقة ما من الوصول لجنوب أوروبا، فسوف يسمح لهم بالسفر دون موانع إلى السويد.
تقول مروة هاشم المسؤولة بمفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة بالقاهرة: "إنهم يفتحون الباب الخلفي بقبول الناس عند وصولهم للسويد". " ولكن إذا ما ذهبوا للسفارة، لن يُمْنَحوا التأشيرات".
وفقا للقنصلية السويدية في الاسكندرية فإن عشرات السوريين يطلبون العون من القنصلية يوميا، ولكن يجري صرفهم بلا مساعدة، "إنها قضية تختص بها الأمم المتحدة" تعلق أمنية النجار مساعدة القنصل العام بهذه العبارة في تصريحاتها للفورين بوليسي. رغم كل المخاطر -- وامتلاء المشارح بأجساد الرجال والنساء والأطفال الغارقين – لكن اعدادا متزايدة من اللاجئين اليائسين لازالوا يقررون المغامرة بحيواتهم في تلك الرحلة غلى أوروبا. في الخامس عشر من أكتوبر، انقذت البحرية الإيطالية حوالي 370  مهاجر من سوريا واريتريا والصومال تاهوا في البحر بين ليبيا وصقلية.

بينما تقول سهى أن قدميها لن تطءا القوارب مرة اخرى، تصر على أن معركتها للوصول للسويد لم تنته.
اللاجئون في قسم شرطة كرموز يبحثون عن شئ واحد – الأمل. الذي يوجد في أبسط الاشياء: أب يداعب ابنه الرضيع "حبيب" يقذفه لأعلى ويتلقاه، وجه الطفل الممتلئ بلدغات البعوض يشرق بينما ترتفع قهقهاته، قبل أيام قليلة كان الاب يرفع رضيعه عن المياه في محاولة مستميتة لإنقاذ حياته.
"نحن ندعوه الطفل المعجزة" يقول الأب. وبينما تحتشد المجموعة حول الرضيع الصغير، تتألق عينا حبيب ذواتا اللون الاخضر الصريح.



[1]  الزينوفوبيا هي الخوف المرضي من الأجانب والشعور نحوهم بالتهديد
2 منذ اتفاقية الوحدة الثلاثية بين مصر وسوريا والعراق في إبرايل 1963 صار للسوريين كما المصريين حق دخوا مصر والإقامة والعمل فيها دون طلب الحصول على تصريح أو تأشيرة دخول. وترتب على الاتفاقية الحقوق نفسها للمصريين داخل سوريا







 يمكنك قراءة نص التقرير هنا 

Monday, October 7, 2013

تسميم الروح

دوما ما كان لدي قدرة هائلة على التحمل وازدراد الغضب وتكميمه
كنت انظر لما اعده (تسامحا) لان لا شئ يستحق، ويراه الآخرون (طيبة)، باعتباره من مسلمات الحياة البديهية التي ينبغي أن يكون عليها سواي من البشر
تغير هذا كثيرا خلال الاشهر الفائتة
فجأة وقع ما جعل كل هذا لغضب المختزن منذ سنوات ينفجر،، صرت انظر لقدرتي على المسامحة بنفس الكيفية التي ينظر بها لها الآخرون ( ضعف يستوجب استمراء الايذاء)0
افكر الآن اني كنت قد قررت الا ادع للملوثين الفرصة في تلويثي وفي تحويلي الي نسخة غير متسقة منهم
يكفيني ضعفي انا وتشوهاتي انا البشرية، لا ينبغي أن اتمثل بالاخرين في تشوهاتهم
لكني افكر الان في كل هذا الغضب المتفجر دوما بلا محاولة مني للسيطرة أو الردع، وانعدام القدرة على التجاوز حتى عن هفوات الاخرين التي كنت اكثر من يتحملها ويتجاوز عنها، باعتباره تسميما حقيقيا لروحي

لقد سمحت لهم بتحويلي الي نسخة رديئة من تشوهاتهم فلم أوت مثلهم القدرة على التصالح مع السوء  
لكن الحل ايضا لن يكون ابدا في ان اعود كما كنت، ليس فقط لانه لا احد يعود كما كان، ولكن لاني لم اكن امارس افكاري الطوباوية البلهاء تلك باعتدال، ما يراه الاخرين طيبة ينطوي في ذاته على خلل انساني من نوع خاص
ما كنت امارسه من كتمان الغضب وازدراده خشية خسارة الاخرين بل وارتكاب الاخطاء بالنيابة عنهم حماية لهم ظنا مني أن هذا هو التصرف السليم، هذا في الواقع ليس من السواء في شئ 
ما اعرفه ان علي الان ان اجد ارضا وسطا 

Saturday, August 24, 2013

بلاي ليست جمعة الرحيل

بالترتيب الزمني للاستماع:

1- Mozart's great mass in C minor- K 427- conducted by Gardiner
2- La nozze di Figaro ( marriage of Figaro) - Mozart
3- فاتن حسن - يا مجلسي العسكري
4- Carl Orff's catulli carmina  
5- انت الحب - أم كلثوم - ألحان محمد عبدالوهاب
6- شعبان عبدالرحيم - فوق الشجرة
7- ونعيد ونعيد ونعيد - مشروع ليلى
8- نعناع الجنينة - سيد ركابي 

Thursday, July 25, 2013

25- 7-2013

تلك الرغبة الملحة في الذوبان، في التلاشي التام في هذا الكيان اللطيف السائر بجوارك 
وتلك الرغبة الملحة في التعملق، في الاحتواء التام لهذا الكيان اللطيف السائر بجوارك 
وتلك البنت الضائعة تماما بين الرغبتين 

Saturday, July 20, 2013

....

لا التفت غالبا الي توثيق لحظات السعادة 
لكن الامتنان لمحبة الله وعطفه وللسعادة التي تمتد الآن لشهور بعد غياب سنوات 
تذكرني بقول الله تعالى 
"وأما بنعمة ربك فحدث" 
اللهم لك الحمد

Tuesday, July 16, 2013

استنزاف تاام ... وصولا لمرحلة: معادش عندي حاجة اديها 

Sunday, June 30, 2013

29- 6-2013

لكل مرة نتنسم أول الحب معا  :) 

Monday, June 17, 2013

.....

من زمان قوى قررت مرة انى ابطل عياط 
مش فاكرة امتى بس كان من وقت طويل ، قبلها كنت سيس جدا دموعي قريبة ممكن اعيط عشان حد بيموت في فيلم مثلا، كنت بعيط لو شفت حد فاقد لاحد اطرافه وانا ماشية في الشارع، كنت بعيط لمجرد اني بشوف متسولين
قررت مرة انى خلاص مش هعيط وهبطل ابين انفعالاتي بوضوح خصوصا الانفعالات اللي بتدي دلالة واضحة عى الضعف زي البكا 
بعد شوية ومع المحاولات المستمرة فقدت القدرة على انى اعيط اصلا حتى لو عاوزة 
بعد شوية كمان الدنيا اتطورت، بقيت لما بتحصل حاجة سيئة جدا او اتصدم صدمة وحشة جدا بمتصها بشكل تلقائي، عمر ما الحزن بيطلع برا،، ولو الصدمة جامدة بتبقى هي شوية خضة بتبان في الدقايق الاولى وغالبا -حظي حلو- ببقى فيها لوحدى او قادرة انفرد بنفسي الا فيما ندر 
مبقاش ده بيحصل بشكل متعمد نهائي 
اللي اعرفه انى بقيت براكم الحزن جوا ومن برا بضحك واهرج واتريق واسمع مزيكا ومحدش بيبقى عارف جوا في ايه
لما برجع البيت الوش ده مبيقعش بالظبط بس ي ما يكون بادرك وجودي فبحس بحاجات بتتكسر جوا وحاجات بتتعصر 
مش عارفة اوصف بالظبط 
معرفش ،،، عارفة انى لو عرفت ارجع اطلع كل ده برا تاني الالم هيخف كتير 
بس انا فعلا فقدت القدرة ،، في ارادة تانية بتتصرفلي 
السنة اللي فاتت ساعة موت خالتو،، بعد ايام كنت غرقانة في حاجة تانية،، مشكلة ناس تانية. معرفش يعني هو دايما بقول انه ربنا بعتلي اللي حصل السنة اللي فاتت بالتزامن مع موت خالتي لاكتر من نعمة، عشان اتلهي فيه، وعشان اللي كان محجوب عني يتكشف وعشان دنيتي تنضف 
بس النعمة الاولى دي اللي هي انى اتلهي في اللي حصل عن موتها مش متأكدة منه قوي حتة مني بتقول انه لا ، مكنش الالهاء انا فعلا فقدت القدرة على الاحساس بالمصايب .. فقدت القدرة على التفاعل مع الحزن وغيره مشاعر انسانية كتير يعني 
بس في نفس الوقت انا عارفة ان الحزن ده كله متبددش ، ده مبدأ فيزيا مفيش منه مهرب الطاقات مبتتبددش ،، انا عارفة انه كل ده مخزون في حتة معرفش ايه هي 
يمكن اللي عرفته امبارح يوريني ايه هي ، يمكن كل ده اختار انه يعبر عن نفسه بشكل فسيولوجي
لما قعدت اقرا امبارح وتخيلت المصير،، لما تصورت نفسي غرقانة في العجز اللي بخاف منه من وانا صغيرة 
عيطت، عيطت مش لاني خايفة على نفسي، عيطت لانه صعبت عليا نفسي، الصورة في بالي كانت صعبة 
خيالي قادر على تعذيبي دايما خصوصا بواقعيته المفرطة ،، دايما الصورة اللي بشوف نفسي عليها بتتحقق ولو بعد حين 
يمكن انا اكتر شخص يقدر يقول بضمير مستريح انه عارف مصيره ايه
انا اكتر شخص ربنا بيختارله في دنيته كل حاجة بيكرهها ويخاف منها عشان تتحول لواقع 
مش محتاجة مجهود كبير عشان اعرف حياتي هتمشي ازاي 
يمكن عشان كدة صعبت عليا نفسي 

المفروض دلوقت عشان اتفادي المصير ده ارجع اطلع الحزن والعصبية برا تاني ، مخزنش حاجة واسيبها تاكل فيا من جوا، بس انا عارفة انه خلاص دماغي اتبرمجت ومعدتش عارفة اعمل ده 

Wednesday, June 5, 2013

خاطر معرفش كام

قرار قطع الحبال المهترئة مش أسهل قرار في الدنيا 
بس قرار الابقاء عليها لحد ما تتقطع لوحدها هو أكيد أغبي قرار في الدنيا 

Tuesday, May 21, 2013

على الخط الفاصل

دائما ما كنت افكر ان هناك أشخاصا اختصتهم الأقدار بمحاباة من نوع خاص - أستغفر الله؛ فصار ما يريدونه لأنفسهم هو بالضبط ما يريده لهم المجتمع وهو بالضبط ما يريده منهم إمام المسجد على هذه الارض والله سبحانه في السماء. لا صراع ولا قلق ولا حيرة ولادراما كالتي يعيشها أولئك الذين يحاولون الخروج من هذا النظام المُحْكَم، والحياة على هامش تلك الحياة البليدة الرتيبة التي يعيشها   عموم البشر.. العاديون إذا جاز التعبير 
د. جلال الساعي 

أقول لحضرتك حاجة:  لو ان النبي محمد أرسل الآن للأمة المصرية . ووقف في ميدان عابدين قائلا أنه يوحى إليه؛ أن ملكا من السماء يأتي إليه ويبلغه كلاما من رب العالمين، وانه يرتعد عند سماعه، وزملوني زملوني ودثروني دثروني إلى آخر هذه القصة التي لابد انك تعرفها. تخيل معي، كيف سيكون رد فعل الناس الآن، ستحمله الشرطة العسكرية بدعوى ظروف الحرب التي لا تسمح بظهور أنبياء  في هذا الوقت. سيرمون به في مصحة يثرب للصحة النفسية حيث سيتكفل به دكتور عبدالسلام أبو لهب ويظل يكهربه ويعطيه العقاقير المهدئة حتى يهد حيله. سينسى محمد انه نبي، سينسى جبريل ووحي السماء وكافة شئ، بينما سيواصل الراقصون رقصهم ويواصل المخرجون إخراج الأعمال التافهة الرخيصة. 
 نجيب سرور*

سُرور- طلال فيصل 
كتب خان 2013 

Friday, May 17, 2013

أسوار وسط البلد .. معركة السيطرة على المجال العام.



في الثمانية عشرة يوما الأولى لم تكن الشوارع حول الميدان تقل ظلمة  عنها الآن، بعد انتشار الأسوار المتناثرة الخانقة لمنطقة وسط البلد، خلال فترة تزايدت فيها تلك الاسوار عبر العام ونصف العام المنقضيين.  
خلال تلك الأيام الأولى من الثورة كان قلق من تعلقت قلوبهم بالميدان واحتوت ساحته أجسادهم، ينحصر في أن يظن أعضاء اللجان الشعبية بهم -أو أن يعرفوا عنهم- أنهم " من العيال بتوع الميدان". كان التهديد قائما، والمرور من وإلى خارج الميدان مغامرة يمكن ببعض الحظ أن تمر على خير.

ربما كان غياب الأشباح السوداء ( جنود وضباط الشرطة) التي مثلت في هذا الوقت عدوا طبيعيا للثورة والثوار، قد مثل عامل طمأنة واضح لثوار الميدان، بعد أن اقتصرت عمليات الاغتيال المباشرة التي تقوم بها قوات الشرطة بنفسها داخل القاهرة على الميدان نفسه وشارع محمد محمود الذي ظلت المعارك فيه دائرة لأيام سبقت موقعة الجمل. وتركت مهمة قتل الثوار في باقي الشوارع لبلطجية متعاونين وأفراد شرطة في اللباس المدني كما يعلم ( وينكر) الجميع.

 اختلط ذلك الغياب الشرطي الرسمي بحالة " اليفوريا" التي غمرت كل من كان في تلك المساحة ( ميدان التحرير)، التي باتت الآن بدورها منتهكة مظلمة. هذا الشعور الغامر لدى كل فرد بأن هناك ما هو أهم وأسمى من وجوده المادي المحدود، خفف كثيرا من عبء الخوف والظلمة. هذه اليفوريا نفسها آخذة الآن في التلاشي من الصدور مع الانتكاسات المتوالية للثورة على يد المجلس العسكري ثم السلطة الحاكمة المدنية التي تولت الحكم .. ولا تدخر جهدا في الإطاحة بكافة أهداف الثورة والتنكيل بالمؤمنين بها، ولم تعد بقايا تلك اليفوريا المتناثرة في قلوب المارين وسط القاهرة قادرة على تبديد ظلمات الأسوار الخانقة التي حولت وسط المدينة إلى متاهة مقبضة. 
بين الأسوار تتناثر مجموعات ضخمة من الأشباح السود، ما إن تغيب الشمس حتى يزداد نشاطهم، تصير المناطق البينية في المسافات الفاصلة بين الأسوار (حيث يتواجد ممثلي السلطة وأذرعها الباطشة)؛ منطقة خطر.

منذ عام ونصف العام، ومع توالي عملية السرطنة لشوارع وسط البلد بتلك الكتل الحجرية التي أومن أن الغرض منها ليس حماية ( المنشآت الحيوية) على حد تسمية السلطة على الإطلاق، صرت أتفادى المرور في تلك المساحات البينية التي تسكنها الأشباح السود، لا خوفا ولا رهبة، ولكن ضيقا وألما.. من تلك الفكرة الملحة التي تقول أن "تلك المساحة التي كانت يوما لنا لم تعد". تلك الأسوار الخانقة غرضها الرئيس أن تقول لي ولمن هم مثلي أن الشارع ليس لنا، وأن المجال العام ملك للسلطة تمرح فيه كما شاءت.

لا أرى فيما وقع معي يوم السبت الرابع من مايو والذي كتبت عنه في هذه التدوينة تفصيلا أمرا ينفصل عن تلك الفكرة، فكرة انتزاع السلطة للمجال العام والإصرار على مصادرته والاستحواذ على كل ما يقع في نطاقه بما في ذلك أجساد المواطنين. عرفت من صديقات وناشطات أن تلك المساحات البينية الخانقة تكثر فيها التحرشات الجنسية بالمارات، حيث تكثرالصحف والمنظمات الحقوقية في تلك المنطقة تحديدا.

 هذه المساحات تتعرض فيها الناشطات يوميا لتحرشات لفظية وأحيانا جسدية ذات صبغة جنسية، من ممثلي السلطات من الأشباح السود، حيث تشكل الثياب النظامية السوداء والتكتلات الجسدية المتراصة متلحفة بالهيئة والمنظومة الفكرية نفسها، عنصر حماية ومؤازرة لممارسي الانتهاك .. فكلهم واحد متكرر، إذا أجرم منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى.
لا أرى في تلك التحرشات الجنسية جوع كامن، أو كما قال لي غير ضابط: " فلاحين مشافوش ستات ومش متعلمين وجعانين". الأمر ببساطة هو ممارسة كل الأفكار المنبنية عليها السلطة، من خلال فعل ربما لا يمثل في ذهن منفذه لحظة إتيانه سوى " التعليم على هؤلاء النسوة المختلفات".

هن نساء . وتبدو الواحدة منهن وكأنها أتت من عالم آخر أقل فقرا، هن يتحركن داخل المساحة التي تضرب فيها تلك السلطة أعمدتها وأسلاكها الشائكة.. هن مستحقات إذن لكل ما يمكن ان يهدم هذه الهالة المتخيلة لدى القائم بالتحرش، في هذه اللحظة التي يرتفع صوت جندي الأمن المركزي عارضا على "المُتَحَرَش بها" الإتيان بفعل جنسي ما معها، أو معربا عن تمنيه بأن يأتي بهذا الفعل، أو يتعرض بوصف بذئ لعضو بجسدها، هو في تلك اللحظة يفرض سيطرته الذكرية محتميا بالسلطة التي يتزيا بزيها، ليؤكد على مايراه ملكيته للمجال العام.. لا يمكنني أن أفصل هذا عن ما يتلقاه هؤلاء الجنود من تعاليم في طوابير الخدمة تؤهلهم لأن يكونوا عصا السلطة ( الدولة كما يقال لهم) في "فرض النظام" وفي حكم المجال العام والسيطرة عليه.

لن أكون متعسفة فأفترض أن تلك الأسوار الحامية هي ما كفلت لجنود الأمن المركزي ممارسة التحرش بشكل يكاد يكون منظما بالمارات في تلك المساحات البينية المغبرة صباحا والمظلمة ليلا – في مصادرة واضحة لحق المواطن في التنقل بحرية، وفي الأمن الذي يتصل بشعور المواطن بالأمان خلال ممارسته لمفردات حياته اليومية-  فتحرشات المنتمين لجهاز الشرطة بدءا من درجاتهم الدنيا ( جنود المرور) مرورا بأمناء الشرطة وصولا للضباط ( أحيانا) موجودة منذ ما قبل الثورة.

لكن كثافة وجود  جنود الأمن المركزي في تلك المساحات البينية محتمين بالأسوار الساجنة لمارة وسط البلد، وبتكتلاتهم العددية وزيهم الذي يضفي عليهم في بعض الأذهان سمتا مثيرا للخوف والذعر، باعتبارهم ممثلين لسلطة باطشة، هذه التركيبة ضمنت تزايد مثل هذه التحرشات، بعد أن اتخذت طابعا انتقاميا واضحا، في نزاع لا يبدو أنه سينتهى قريبا حول المساحة التي يمكن للمواطن ( خاصة لو كان أنثي) أن ينتزعها في المجال العام.  

Monday, May 6, 2013

عن متحرشي الأمن المركزي وقسم السيدة زينب وكارنيه النقابة المقدس

تحذير : التدوينة مفرطة الطول


سأبقى المسافة بيني وبين الواقعة واسعة بشكل غير محسوب، علّني لا أتعثر في الحكي، ليس لخصوصية أو ثقل خاص في الحدث الذي انتوى روايته، ولكن لان الحكي والكتابة صارت عبئا غير يسير منذ ما يزيد على العامين... ولي في تلك المسافة مآرب أُخر.
لابد وان رواد الإنترنت ملوا منحكايات التحرش التي بدا وكأنها طفحت فجأة، يريح البعض فكرة أن الفتيات صرن يستمتعن برواية تلك الحكايات إما لأنها – كما يتصور هؤلاء الرواد-  تضفي على صاحبتها ( في تصور تلك الراوية) انوثة وجاذبية مدعاة تصدّر فيها للعالم أنها تجتذب اهتمام المتحرشين، أو أنها صارت موضة (مودة) تريد كل فتاة أن تنال منها نصيبا.


لن أجادل هاتين الفكرتين أو غيرهما من التصورات التي يحلو لمن يقرأ هذه الحكايات بمزيد من ملل أن يتبناها ، فقط لهؤلاء أقول من فضلك اعتبر هذا تحذيرا ولا تتقدم في قراءة هذه التدوينة فهي حكاية أخرى من تلك الحكايات المثيرة للصداع.


التعرض للتحرش هو أمر لا يثير لدي الرغبة في الحكى او الكتابة على الإطلاق. كل بنت واقعية عاقلة في مصر تصل إلى درجة الملل وتتعامل مع الموضع باعتباره روتين معتاد بعد فترة معقولة من الغضب والاستفزاز والانفعال، الوصفة عادة ما تكون سهلة على من لا يرتدين ملابس تعوقهن عن الحركة: العدو خلف المتحرش ،،الإمساك به وتوجيه ما تيسر من الضربات لما بين ساقية أو دفعه من فوق دراجته البخارية لإصابته ببعض الجروح التي ستجعله يتردد ويفكر في المرة القادمة قبل أن تمتد يده إلى جزء من أجساد فتيات أخريات. أما التحرش اللفظي فحقا لا وقت هناك، سأقضي يومي في المشاجرات وإن أصررت على التصعيد فسأهدر حياتي -  فعلا بلا مبالغة- في أقسام الشرطة.


ما الذي يدعوني للحكي هذه المرة؟ لأن الأمر لا يتعلق بمجرد التحرش ولأن هناك ابعاد عدة في هذه الحكاية تمنحها خصوصية ليس من تلك الأبعاد مجرد أن الواقعة حدثت لشخصي المتواضع، ولكن لكونها بالأساس حدثت لمن تحمل سمات شخصي المتواضع.

في الحادية عشرة والنصف من مساء الرابع من مايو ( السبت الماضي) كنت في طريقي المعتاد من الجريدة التي أعمل بها لبيتي في عزبة النخل، والطريق يتضمن حتما ركوب مترو الأنفاق ولكون محطة سعد زغلول هي الاقرب لمكان عملي فقد اعتدت استقلال المترو منها وإليها منذ إبريل 2011 ( تاريخ التحاقي بالعمل في الجريدة التي أعمل بها حاليا وحتى الآن).


عادة لا يحمل الطريق لي أية مفاجآت، أحب العمل في الشيفتات المسائية ولا يشكل خلو الشارع في طريق العودة تهديدا يذكر بالنسبة لي فالتهديد الحقيقي في نظري أن يكون الطريق به أي ممن ينتمون للجنس البشري، هنا استشعر الخطورة. ويبدو أن طبيعة فترة الإجازات التي تمر بها البلاد هذا الأسبوع أسهمت بقوة في حدوث ما جرى، الشارع كان به قليل من المارة وهو أمر غير معتاد في شارع يخلو من المارة تماما -عادة-  في هذا الوقت من الليل. أثناء دخولي لمحطة المترو من المدخل المجاور لوزارة الانتاج الحربي كنت أحدِّث سمر في التليفون بخصوص روايتها التي أنهيت قراءتها، وأمامي جندي أمن مركزي في الاتجاه العكسي المتجه لخارج المحطة، ما إن صار هذا الجندي إلى جواري حتى امتدت يده ليقرصني صرخت وكلت له السباب وانفعت في الجري وراءه وهو يعدو أمامي إلى ان دخل لشارع مجلس الشعب.


على البوابة الحديدية التي أقامتها الداخلية لحماية مجلس الشعب من الشعب، استوقفني زملاء ذلك الجندي باعتباري واحدة من الشعب الذي لا يحق له المرور في هذا الشارع، سألوني عن وجهتي فأخبرتهم بعبارات مقتضبة ان زميلهم الذي جرى لتوه للداخل تحرش بي، جادلني بعضهم غير مصدقين بينما أطلق أحدهم سبة تتعلق بشخص الجندي المتحرش فأصررت : " فين الظابط المسئول أنا مش ماشية من هنا وهدخل للظابط بتاعه". كان المتحرش قد غاب عن نظري وما هداني تفكيري إليه أن أتسلمه من الضابط المسئول عنه لتحرير محضر بواقعة التحرش، لفظت الجملة واندفعت للداخل من بين أجسادهم فخرج أحدهم من الجمع  ولم يجد بدا من اصطحابي واضعا يديه خلف ظهره، أخذني حتى العربة التي يجلس بها الضابط المسؤول الذي رد علي بعدما أعدت حكاية الواقعة بقوله: " ممكن ميكونش من العساكر اللي هنا وممكن يكون في خدمة في حتة تانية"
-          اسأل العساكر مين من زمايلهم كان برا ولسة جاي وهيقولولك"
         = العساكر مبتخرجش إلا بإذن
-          يبقى شوف مين من العساكر خد إذن خروج ولسة راجع
          = تلاقيه مش تبعي وخرج من الباب اللي هناك على خدمة تانية
-          طيب ما ممكن نسأل العساكر ونعرف
         = دي مش مسؤوليتي كلمي قائد التشكيل


-          طيب فين قائد التشكيل؟ ،، أشار لي نحو البوابة الثانية الموجودة في تقاطع شارع مجلس الشعب مع القصر العيني، توجهت إلى البوابة وهو خلفي وبصحبتي الجندي الذي صاحبني من البوابة الأولي حتى عربة الأمن المركزي، وقبل أن أخرج من البوابة توقفت وسألت الجنود المسؤولين عن تأمينها : في حد من زمايلكم خرج من هنا دلوقت؟، اندهش الضابط لسؤالي المباشر للجنود، بينما أجاب العساكر في براءة : لا محدش خرج خالص وتوجه أحدهم بحديثه للضابط: محدش خرج ولا دخل من هنا خالص يا باشا.

توجهت لموضع قائد التشكيل وأعدت حكاية الواقعة وطلبت منهم سؤال العساكر أين اختفى زميلهم الذي دخل لتوه، لم يفتني انفراد حارس أمن في لباس مدني يمسك بالووكي توكي وتابع لمجلس الوزارة بالضابط الأول الذي تحدثت معه ليهمس في أذنه بعيدا عني ليعود الضابط ويؤكد: مفيش حد يعرف يطلعلك العسكري ده كل العساكر هنا شبه بعض.

واصلت الحديث مع الضباط الآخرين الذين كرروا الكلام ذاته
قلت لهم أن الأمر أبسط من ذلك ..الجندي دخل جاريا من البوابة الأولى ولم يخرج من البوابة الثانية مما يثبط حجة كونه ينتمى إلى أي من التشكيلات الأخرى البعيدة عن مجلس الشعب، وأن سؤال الجنود سيكون كفيلا وحده باستعادة الجندي من حيث يختبئ فهم يعرفون بالتأكيد من من زملائهم عاد لتوه واختفى ،، كما أن الضباط لابد يعرفون من من الجنود موجود بالخدمة في التشكيل التابع لهم، وإن كان جندي ما قد عاد لتوه من مأمورية خارجية، فإن لم يكن في مأمورية خارجية وذهب وعاد دون إذن رسمي فزملائه سيجيبون الضباط ببساطة عمن غادر الخدمة وعاد اليها
استمر الحوار لنصف ساعة كاملة ،، نقاش بيزنطي عبثي
الضباط يصرون على عدم اتخاذ أية خطوة للتعرف على الجندي المتحرش والإتيان به من حيث اختفى، ولم تاخذ أيهم الحمية لكلامي إلا حين قلت " يعني أنا امشي في الشارع أبص ورايا لا ظابط ولا عسكري يتحرش بيا كمان؟" " ليرد أحدهم في غضب: " وانتى بتدخلي الظباط ليه في الموضوع ؟؟ احنا عمرنا ما نعمل كدة احنا مش من بيئة واطية" ليهدئه باقي زملائه ويواصلون ابتساماتهم الهادئة وتعنتهم في تقديم أي رد على سؤالى: "طب إيه الاجراء اللي هتعملوه دلوقت عشان اللي حصل ده؟"
كل هذا وخط التليفون مفتوح دون علم منى وسمر تستمع إلي تفاصيل النقاش البيزنطي
هنا ينتهي الفصل الأول للحكاية، حيث يأست من أن أصل الي أي شئ مع هؤلاء وجررت قدمي المتعبة المتورمة الي البيت
في اليوم التالي استجبت لمكالمة من المحامية الحقوقية انتصار السعيد مدير مركز القاهرة للتنمية التي قرأت ما كتبته سمر على فيس بوك واتصلت بي عارضة المساعدة القانونية توجهت للمركز ومن هناك غادرت الي قسم قصر النيل بصحبة المحامي ( رمضان محمد) لتحرير محضر بالواقعة اختصم فيه الجندي المتحرش الذي أدليت بأوصافه كاملة وقائد تشكيل الأمن المركزي المسؤول عن تأمين مجلس الشعب في وقت حدوث واقعة التحرش.
كان غضبي يتصاعد تجاه قيام ممثلي الأمن العام بالتستر على مجرم فيما اعتبرته تواطؤا واضحا، ومن احتماء هذا المجند بلباسه الرسمي كي يرتكب جريمة آمنا العقاب.
توجهنا لقسم قصر النيل واتصلت بي سمر وأصرت على الحضور معي هناك جلسنا لتقديم البلاغ وسط تجاهل واضح، إلي أن توجه المحامي الى غرفة مساعد المأمور وهناك وقع ما لم أكن أريد
على أن اذكر هنا أني في الليلة السابقة بعد يأسي من الحديث مع ضباط الأمن المركزي المسؤولين عن الجندي المتحرش قمت باجراء مكالمة هاتفية لتأجيل موعد كان مقررا في اليوم التالي ( الأحد) بيني وبين أستاذي. أردت تأجيل الموعد لكي أتوجه لتقديم البلاغ في الموعد عينه، فنصحني أستاذي بالتوجه لنقابة الصحفيين التي صرت عضوة بها قبل شهرين اثنين، كي تساندني النقابة في الموضوع كله.
 عادة لا أدخل في جدل طويل وأنفذ ما في رأسي، وما كان في رأسي أني لن افعل ذلك فقبل شهرين اثنين لم اكن عضوا بالنقابة، وبالطبع لم يكن هناك معنى حتى وأنا صحفية أن أطلب من النقابة دعمي قانونيا فلم تكن انقابة لتستجيب أو تتخذ خطوة باتجاه مساندة أي صحفي لا يحمل عضويتها، كما أن القضية ليست قضية مهنية فهذا تعدي وقع علي باعتباري أحمل تركيبا تشريحيا مغايرا لتركيب الذكور وليس لكوني صحفية.
في مكتب مساعد المأمور وجد المحامي أن ذكر صفتي الصحفية سيكون كفيلا بتسريع الاجراءات، وجدته قد عاد لي ليطلب منى كارنيه النقابة ،، أعطيته إياه تصورا منى أنه يحتاجة لاثبات صفتي المهنية كجزء من المعلومات المطلوبة في المحاضر الرسمية بشكل روتيني، لأفاجأ بكهرباء غير عادية في الأجواء من حولي، فجاة صار هناك اهتمام، هناك من يسدي إلي نصائح حول مكان تحرير المحضر، حركة من وإلي خارج مكتب المأمور مع ضابط كبير يمسك بالبطاقة الشخصية والكارنيه المقدس، فهمت ما حدث وداريت غضبي لعلمي بحسن نية المحام
نصحنا الضابط بالتوجه لقسم السيدة زينب باعتبره محل حدوث الواقعة وبتهذيب شديد جدا يختلف عن لهجته قبل الإمساك بالكارنيه.
علمت لاحقا أن طلب الكارنيه كان للتأكد أنني صحفية بالفعل وأن المحامي ( مش بيبلف). الوصول لقسم السيدة حمل دوامة حقيقية جديدة،، الضابط بمكتب تلقي البلاغات ( النوبتجية) صاح بعد معرفته بالملخص من المحامي : - هي فين اللي اسمها عزة دي؟
سمر ضغطت على يدي لأهدأ بعدما رأت الشر  في عيني، أشرت برأسي لها وقلت له : أنا أستاذة عزة
-          ايه اللي حصل
= عسكري امن مركزي اتحرش بيا امبارح ... الخ
-          وهو اتحرش بيكي كدة من الباب للطاق؟
= بحدة: أمال يعني أنا قلتله تعالي اتحرش بيا؟
-          لا قصدي يعني انتى تعرفيه من قبل كدة؟
= بابتسامة ظاهرها الهدوء : وأنا هعرف عسكري أم مركزي منين يعني؟
-          طب اتفضلي استريحي

عدت للمقعد الرخامي المتعب ... نصف ساعة.. المحام يحذرني من أنهم سيتعمدون إطالة الاجراءات لو لم افصح عن صفتي الصحافية، أجيب بانه لا مشكلة لدي في الوقت ولو استدعي الأمر المبيت في غرفة النوبتجية حتى تحرير المحضر فسأفعل ولن أمل وأغادر.. اتناول كتابا من سمر ونبدأ في المزاح حول ضرورة البدء في حملة لإقامة مكتبات في غرف تحرير المحاضر في الأقسام لمساعدة المواطنين على تزجية الوقت بشكل مفيد لحين تحرير محاضرهم ،، الضابط إياه ينظر لنا في قرف واضح ثم يخرج ليعود بعد أقل من دقيقة بصحبة ضابط آخر من طراز ( علبة سجاير ومفاتيح عربية وموبايل في يد واحدة وتيشيرت مخطط وجينز)


يتوجه الضابط الجديد نحو سمر مادا يده بابتسامة مهذبة اهلا استاذة عزة ايه اللي حصل يا فندم)
تجيب سمر: مش انا هي عزة : ينظر لي الضابط وقد وضعت يدي خلف ظهري اثناء الجلوس مكررا السؤال نفسه، اعيد رواية الحكاية اختصارا ( قال لي المحام لاحقا انهم علموا بصفتي الصحفية من مكالمة من قسم قصر النيل جرت بينما كنا في الطريق بين القسمين)
يبدأ الضابط المهذب في محاولات اقناعي بأن التشكيل الواحد فيه 250 عسكري، ومن الصعب استخراج من قام بالواقعة، أقول أنى استطيع تمييزه.  يكرر على مسامعي أنى "ست متعلمة وفاهمة" ولابد أني أعرف مدي صعوبة الموضوع. أكرر أني أصر على التحقيق في  الواقعة ومحاسبة المتحرش والمسئولين عنه ممن أري أنهم تستروا عليه وساعدوه على أن ينجو بما فعل. يستمر الجدل لنحو من عشر دقائق يأمر بعدها فلانا ما من الأمناء أو الجنود باصطحابنا لغرفة فلان باشا ( لا أذكر الاسم) رئيس المباحث


فلان باشا رئيس المباحث كان يجلس حيث استقبلنا في صالون فخيم، متخذا موقعه على أحد الكراسي تاركا المكتب الخشبي خاليا من كل سوء. فلان باشا يتحدث بتعال ظاهر يختلط به بعض اللامبالاة والملل البادي على محياه الوقور. فلان باشا استعاد منى الواقعة للمرة لا أعرف كم، حكيتها بآلية، تفادى سؤال " وهو اتحرش بيكي ليه" بكافة تنويعاته المهذبة وغير المهذبة، حاول للمرة لاأعرف كم ايضا أن يقنعني باستحالة التعرف على العسكري مؤكدا إنه واحد من ضمن "150 حمار" تحت إمرة الضابط قائد التشكيل وهو أمر يصعب من عملية التعرف على "الحمار" الذي قام بهذه الواقعة، فالضابط ( قائد التشكيل" معذور، خاصة وأن الورديات صارت تتغير ثلاث مرات يوميا وليس مرتين عشان الحقوقيين "أمثالنا" اللي صعب عليهم العساكر يقفوا 12 ساعة "لما كان النظام ورديتين بس".
تدخلت سمر لتدافع عن مبادئها التي تحترم حقوق عساكر الأمن المركزي كبني آدمين، فتدخلت وحاولت إبقاء الحوار متعلقا بواقعتي بصفتي مواطنا تعرض للاعتداء يسعي لمعاقبة الجاني واستعادة حقه في الأمن، متساءلة عن سبب التحفز الذي قوبلت به منذ حضوري للقسم. نفى رئيس المباحث وجود أي تحفز، مصدِّرا لي أني من جئت متحفزة ضد الشرطة فأجابت سمر أنه لو قام الضابط المسؤول بمساعدتي في الليلة السابقة لما مررنا ومروا هم معنا بكل ما يجري في هذه اللحظة. لم يجد الضابط أمام منطق سمر ردا مسكتا لتنقذه العناية الالهية بدخول باشا آخر أكبر سنا بصحبة الضابط  الأول ( طراز تيشيرت مخطط وموبايل وعلبة سجاير ومفاتيح سيارة في يد واحدة) وثالث لا أذكر له ملامح مميزة. "الباشا الجديد" يصوب فوهة مسدسه نحوي في يده المدلاة إلى جانبه وهو يسأل إيه الموضوع ،، لا يرد الضابط صاحب المكتب الذي كان يجادلني قبل قليل واتجاهل الرد فيجيب المحامي أنَّا بصدد تقديم بلاغ حول واقعة تحرش يسألني الباشا الجديد إن كنت من وقع عليها الاعتداء فأجيب بهدوء نعم يسألني : " والمحضر هيعملك إيه؟" أجيبه: " هحرر المحضر وهشوف إذا كانت الشرطة بتعرف تجيب حق الناس بالقانون" .. يصمت ثم يبدأ في استفزاز المحامي بأسئلة متتابعة حول مسكنه .. يأس الباشا الجديد من ان تحقق محاولاته للإرهاب نجاحا فخرج وسط ابتسامات حرجة من صاحب المكتب، واصل بعدها محاولات إقناعنا بالتراجع قبل أن يستسلم ويطلب من أمين الشرطة الذي اصطحبنا لمكتبه العودة بنا لغرفة النوبتجية لتحرير المحضر.


هناك انتظرنا قليلا ثم بدأنا في إملاء المحضر للأمين المكلف، وبعدها استغرق الضابط ذو الثلاثة نجوم الذي لا زال لا يصدق أن عسكري الأمن المركزي لم يتحرش بي من الباب للطاق حوالي نصف ساعة أخرى في قراءة كل كلمة من المحضر، تلتها حوالي نصف ساعة أخرى ينتظرون فيها المأمور للفراغ من صلاة العشاء حتى يقرر إن كان المحضر سيقيد كمحضر إداري أم كجنحة.
المحامي أكد لي مرارا أن هذا غير طبيعي، بعدما لاحظت أن كل المحاضر الأخرى التي عرضت لم تستغرق مراجعتها وإدراجها في الملفات دقائق معدودة إلا من المحضر الذي حررته أنا. المهم بعد سجالات من المحامي وقرار منى أنا وسمر أعلنا عنه بصوت عالي عن كوننا سنطلب الطعام ديلفري إلى القسم مادامت جلستنا ستطول، أصر الضباط على إدراج المحضر تحت مصنف المحاضر الإدارية وخرجنا من القسم بعد أن تكفل كارنيه نقابة الصحفيين بتحويلي من مواطنة عادية إلى مواطنة سوبر استطاعت بعد جهد جهيد انتزاع الحق في تحرير محضر لمن تحرش بها

لن أقول وألخص الدروس المستفادة من القصة المذكورة عاليه
لكن في السياق ذاته أذكركم بزميل صحفي بجريدة الشروق لم توقع جريدته معه عقدا وبالتالي مازال محروما من الكارنيه المقدس الذي صرت أحمله منذ شهرين اثنين فقط – دعك من أني قبل هذين الشهرين لم أكن لاتمكن من تحرير محضر لعسكري أمن مركزي متحرش وضابط أمن مركزي قام بالتستر عليه-  وتذكر أن بيشوي الصحفي والمصورببوابة الشروق لم يحظ حتى بزيارة من نقابة الصحفيين رغم أنه أصيب بقنبلة مسامير أثناء قيامه بعمله الصحفي أمام الكاتدرائية قبل أسابيع.
بيشوي لا يزوره أحد لأنه لا يحمل الكارنيه المقدس