ايام قليلة ونحيى ذكرى البديل " القتيل" الراحل فى السابع من ابريل الماضى
مازالت ظروف اغلاق البديل وانهاء وجوده غامضة وملتبسة وغير مفهومة ، وقبل ان تحل ذكرى القتيل الراحل وفى ظروف تكاد تكون مشابهة وان اختلفت الاسباب والملابسات ، تم انهاء عمل حوالى 350 زميل فى موقع اسلام اون لاين. ولأنى كنت فى قلب تجربة منتهية ، وشهدت اثرها على افراد؛ فما اراه يحدث فى اسلام اون لاين لا تجعله بالنسبة لى قصة صحفية لافتة اعمل عليها او اوعز لاحدى الزميلات بالعمل عليها ، ما يحدث فى اسلام اون لاين وضخامة الرقم لا تجعلنى اراه مجرد رقم ، ورغم انى لا اعرف اى من الزملاء العاملين هناك بشكل شخصى الا انى انظر لكل واحد فى الرقم المبين اعلاه كمشكلة مستقلة وازمة مستقلة.
يتجاوز الامر هنا اشخاص فقدوا عملهم حتى فى وقت يعز فيه الحصول على فرصة عمل كريمة براتب يوفر حياة لا تنتهك ادمية الفرد
القضية هنا التى تدفعنى لكتابة هذا البوست هو ما رأيته عند اغلاق البديل واستشعره يتكرر فى ازمة اسلام اون لاين. لقد تحول مكان العمل الى بيت مواز وصار التمسك به يتجاوز التمسك بمصدر رزق وهو عين ما كان فى البديل.
نحب معشر العاملين فى حقل الصحافة ان نتصور ان المؤسسة التى نعمل بها -ايا كان حجمها -هى مشروعنا الخاص ومؤسستنا الخاصة وهذا هو عين ما اريد الحديث عنه حتى لو بدا حديثى قاس وفى غير موضعه
نحب نحن العاملين فى حقل الصحافة " اعتذر عن الجمع ولكن لدى من الشواهد ما يعطينى الحق فى هذا " ممن يعملون فى مشروعات صحفية مستقلة ان يتعاملوا مع المؤسسات العاملين بها كمشروعاتهم المهنية الخاصة كما اسلفت ، يدعم هذا الشعور افتقاد تلك الاماكن الى بنية مؤسساتية حقيقية - على الاقل هذا ما كان مطروحا فى البديل- وتحول علاقات العمل الى علاقات انسانية مبنية على الحب او الكراهية مع زملاء العمل ايا كان تراتبهم الوظيفى ، فى البديل غالبا ما كان يخضع نظام المكافآت والمرتبات للعلاقات الشخصية ، غالبا لم يكن هذا هو الحال فى اسلام اون لاين ولكن هناك شئ ما كان يجرى فى هذه المؤسسة جعل للعلاقات الشخصية الانسانية بين العاملين وزنا يتجاوز وزنها الحقيقى وجعلهم يتعاملون مع المكان هناك كبيت بديل او مواز وحقيقة الامر انه ليس كذلك هو مجرد مكان عمل.
نحب نحن اعضاء الجماعة الصحفية - كنت انتظر فرصة مواتية لاستخدام المصطلح الطريف ولا تقلق يا من تقرأ فلن اكرره - ان نظن اننا نؤدى رسالة وان عملنا ليس مجرد مصدر رزق للحصول على راتب يقيم الاود ويؤسس لحياة
حسنٌ الحقيقة المرة ان اينا لايؤدى رسالة فلا احد يقرأ ومن يقرأ لا يعى ومن يعى لا يتأثر ومن يتأثر لا يفعل وبالتالى نحن لا نفعل شئ .... اى شئ سوى العمل ، كأى مواطن صالح - فى حالة كون هذا المواطن يؤدى عمله بضمير- ونتقاضى رواتب وخلال هذا نقنع انفسنا باننا اصحاب رسالة تنويرية مجتمعية ، ربما نحن منوطين بها بالفعل لكننا لانؤديها لان ببساطة معظمنا لايدركها ولا تبدو واضحة امامه وبالتالى فهو لا يمارس عمله بطريقة تؤدى الى تحقيقها ، هذا بعيدا عن ان سؤالك لاى محرر صحفى عن الدافع وراء عمله غالبا لن تتلق من ورائه اجابة واضحة او مفهومة وان تلقيت فغالبا ما ستكون مخالفة للهدف الحقيقى وراء اختراع الصحافة بالاساس وهو الهدف الذى لا يدركه وربما لايهتم بادراكه اغلب العاملين فى حقل الاتصال الجماهيرى ايا كان الفرع الذى يعملون به.
ولاننا نحب ان نتصور اننا اصحاب رسالة ، لهذا فنحن نحب ان نتصور ان اى مساس بمصدر رزقنا هو مساس بالرسالة ، ظروف اغلاق البديل الغامضة الملتبسة ، اضافة الى وجود حلول مالية كثيرة كانت كفيلة بانقاذ الصحيفة واستمرارها ادت الى تصور العاملين ان هناك صفقة ما تمت بين مالكى الاسهم من مجلس ادارة البديل والدولة " امن دولة او حزب وطنى ممثلا فى المجلس الاعلى للصحافة مثلا - المجلس حقا يحتاج منى تدوينة مستقلة - " تقضى بانهاء الصحيفة ذات الصوت العالى المؤرق التحريضى مقابل صيانة مصالح اقتصادية او التغاضى عن ملفات فساد تتعلق بمالكى الاسهم هؤلاء. اذن فقد تم اغلاق البديل - حسب الاستنتاجات الشائعة - لانه صاحب قضية ، صاحب رسالة وبالتالى فصحفيوه بطبيعة الحال على اعتبار انهم صناع مادته هم اصحاب رسالة ، فلنكن واقعيين بعد انتهاء البديل عمل كثير من محررى البديل فى الميدان وفى الشروق " لايمكن اتهامهما بانهما جريدتان يساريتان باى حال من الاحوال ولا حتى بانهما تهتمان باى قدر بما كان يطرحه البديل من قضايا قوامها الحقوق والحريات انطلاقا من وجهة نظر اشتراكية ، بل وانتقل بعضنا - كما فعلت انا شخصيا - عندما جاءه العرض الى صحف قومية .
حقا اننا نعزى انفسنا باننا لا نكتب فى هذه الصحف ما يخالف عقيدتنا السياسية ولكن كيف يتم توظيف ما نكتبه وفى اى سياق ؟ هذا سؤال جدير بالطرح ، وهل يجعلنا هذا اصحاب رسالات ؟ هذا سؤال اخر جدير بالطرح ، ما قدر التنازل المقبول فى هذا الصدد ؟ ومتى يعد صاحب الرسالة مفرطا ؟ هذا سؤال يبدو كالاسئلة الوجودية التى يعرف الكل اجابتها لكنه يصر على اللف والدوران حولها
اذن هل الصحفى فعلا صاحب رسالة كما يحب ان يتصور عن نفسه؟ ، ام ان الصحافة مثلها كمثل كل مهنة على هذه الارض ، فى المقام الاول هى مصدر رزق والدور الاجتماعى لها يأتى من وجهة نظر صاحبها فى اى مقام سوى المقام الاول؟
لهذا علينا الان - اذا ما وجدنا اجابة لكل تلك الاسئلة الخزعبلية المطروحة بأعلى - ان نتساءل .. لماذا يتمسك صحفيو اسلام اون لاين بالبقاء فى اسلام اون لاين ؟ لماذا - كما تردد منذ ايام - يبحثون عن تمويل بديل يؤدى الى اقامة موقع مواز يستوعب العاملين ( محررين واداريين ) ممن استغنت عنهم الجمعية القطرية - طعنًا فى رسالة محررى اسلام اون لاين ورغبة فى طرح مضمون اكثر تشددا كما تردد - لماذا ببساطة لم يسع صحفيو اسلام اون لاين للاكتتاب وتأسيس موقعهم الخاص لبدء العمل بدلا من انتظار صاحب رأس مال جديد يفرض رؤيته الذين سيضطرون - وارجو ان اكون مخطئة - للانصياع لها حفظا لاكل العيش؟
لا يهدف ما كتبت باعلى للتشكيك فى ذمة الزملاء فكما قلت انا لا اعرف ايهم معرفة شخصية ومهتمة بالامر من منظور انسانى بحت، لا مهنى ولا حقوقى ولا بطيخ مع احترامى لكل هذه المناظير المذكورة اعلاه
لكنى كذلك احب مواجهة الحقائق ، والحقائق هى : الصحفى لا يكدح فى كرمته ، بل يكدح فى حقول من الكرم يملكها سواه ، الصحفى مهما نظر لنفسه على انه صاحب رسالة ومستقل وصاحب قلم او كيبورد حر ، ليس حرا ، ما دام عامل اجير فى مؤسسة يملكها سواه ، هذا "السواه" يفرض على الصحفى سياسة تحريرية... الصحفى الذكى الموهوب قادر على مساومتها وتمرير ما يريد رغم انفها -احيانا - قادر على ان يرفع سقفه بنفسه تدريجيا ولكن واجهوا الحقيقة يا زملاء .. الصحفى هو غير قادر على الاطاحة بهذا السقف ايا كانت موهبته
ليس لعامل اجير ان يملى على صاحب عمل رؤيته فرؤية مالك الراتب المدفوع نهاية الشهر هى الرؤية الوحيدة المقبولة منطقيا ، ليس ثمة فائدة من ان يستجلب الصحفيون ممولين بدلاء ، ولان الصحفيين افراد ، وغير قادرين على تحقيق عمل جماعى محترم منظم فالحل بعيد عن ايدينا جميعا ، الحل المحترم الذى يقضى ببناء مؤسساتنا الخاصة ، ليس فقط مؤسسات اعلامية يمكن من خلالها ممارسة المهنة ، بل ومؤسسات نقابية بديلة تدفع بحقوقنا الى الصدارة ، ليس كأصحاب رسالات بل كمواطنين عاملين لهم حقوق مهنية ومالية لدى اصحاب العمل.
هذا حلم بعيد المنال اعرف
وهذا كلام قاس وربما غير مراع .. اعرف
ولكن على احدهم دوما ان يتقدم لقول كلمة يتصور انها كلمة حق
اتمنى كل التوفيق للزملاء فى اسلام اون لاين
واتمنى الا يصير مصير تجربتهم كمصير تجربتنا
لكنى غير قادرة على انا اقول انا معكم فحقيقة الامر انى مثلكم تماما .. لا املك من امرى شيئا ، لا املك سوى التعاطف والمساندة بالصوت وهذا - بمنتهى الصراحة مع النفس - لا يجدى شروى نقير
1 comment:
مساؤك تفاؤل
أنا صحفية بإسلام أون لاين ,,, ولست هنا سوى لشكرك على ما كتبتي
بعض ما قلتي قاس وبعضه موجع وكثيره محبط
أنا معكي جدا فيما قلت, فلا الأمر يتعلق بالرسالة ولا بالرغبة في نشر الفكر والمعرفة ,, هو يتعلق بالمنهنة التي تحبها وبحقوق العاملين وكرامتك كإنسان
أما الرسالة فأنا أؤمن أنها موجودة دائما يمكن تصديرها ولو حتى من خلال المدونة الأمر أصبح بسيطا
لكن وللحق سأستمر في المشروع البديل رغم أنه رأس مال أجنبي آخر ولكن على أمل وحلم ربما يكونان خارج المعادلة أن نجد بيئة للعمل أفضل
كل التحية والود
Post a Comment