Saturday, October 6, 2012

فوزي

أعتقد أن الأمر لم يكن سهلا على . وأعرف انه لم يكن سهلاً على أبي

الحكاية بعضها كالتالي:

بيتنا كائن على طرف "الجنينة" حيث تهب رائحة زهر البرتقال لتملأ الغرفة والصالة الواسعة في مارس وبدايات ابريل من كل عام 
قبل أن تمتد لتلف الشارع كله 
أطل من الشباك على استديو التصوير الصغير الحامل لاسم الابنة الصغري لصاحبه، صديقتي رضا التي تكبرني باثني عشر عامًا كاملة
صديقتي الأخريين عزيزة وداليا تكبرني أصغرهما بثمان أو تسع سنوات أيضًا، تناولاني الشيكولاتة من شباك شقة الدور الأرضى حيث نقطن 
غالبا تكون أمى منشغلة فى المطبخ، ولا تسلية لطفلة بين الثانية ولثالثة من العمر بعد العجلة سوى مغافلة أمها للفرجة من الشباك على الشارع الخالي
اعد الساعات حتى تروح الشمس، يأتي أبي من الشغل فيكون موعد الحاجة الحلوة والمصروف وتسريح الشعر ولبس الفستان والانطلاق الى بيت جدي الواقع على بعد شارعين
هنا سألعب قليلا مع علياء، سنتشاجر وستشد شعري سينتهى العراك بهزيمتي كالعادة، لانتظر مغافلتي للكبار بعد محايلتهم لي لاتسلل الي الخارج نحو مخبأي الخاص

في كل مرة يجلسني خالي رحمه الله على حجره يسألني: اسمك ايه؟
ساكنة فين ؟
أنّا اسمها ايه؟
وبابا اسمه ايه؟ 
في كل مرة يتلقى الاجابات نفسها 
عزة 
......
أمينة 
فوزي
يستشيط ابى غضبا، وفي كل مرة يصحح في صوت هادر: سيد 
يدركني الخوف فأصحح: بابا اسمه سيد 
وبعد يومين يكرر خالي السؤال، فأعيد الإجابات، ويغضب أبي ، وأصحح أنا ، فلا هو أدركه الملل ولا أنا رأسي "اتعدل" 
وأعود للعب مع علياء، ونعود للشجار وتعود لتمزيق شعري، وأعود للتسلل إلى الورشة الصغيرة المجاورة لبيت جدي
مخبأي كان بيتًا قصيرا من طابق واحد، لم تكن الورشة تحتل متجرا مطلا على الشارع بل هي غرفة صغيرة في جانب منها سرير ضيق وتحتل مساحتها الباقية قطع غيار لثلاجات وغسالات يدوية كان يمتهن تصليحها، كان يتهلل لرؤيتي يخرج الحلوي المخبأة 
اتذكر طعمها لازلت "طوفي كراميل" مازالت حلواي المفضلة، مازلت أحبها اكثر من الشيكولاتة
كان يجلسني فوق الترابيزة الصغيرة ويتناول أدواته مواصلا العمل وهو يشرح لى ما يفعل، وكأنه يحادث شخصًا ناضجًا، يسمح لي أحيانا بأن أمسك بالمفك واساعده في ربط المسامير، ويكافئني على إنجازي بمزيد من الحلوي 
يفتقدوني فيأتون لأخذي من الورشة لأعود للبيت
يعاودون التنبيه على بألا أتسلل أو أخرج وحدى خشية "الحرامي" الذي سيأخذني بعيدا فلا أرى أمى ثانية
اهتز بعض الشئ لكنى اعاود التسلل ويعاودون التحذير ، وأصر على الذهاب للورشة 

تضحك مني العجوز أم كمال ، وهي تراني اتسلل كلما استطعت للغرفة المجاورة لغرفتها مشققة الجدران حيث تقطن مع احفادها اليتامى، اتقاسم حلواه معهم واترك نفسي ليدها لتعيدني لبيت جدي بعد أن مل أهلي وأيسوا من منعي
اندهشت عندما قالت لي أمى قبل أيام أن فوزى كان شابا في الثالثة والعشرين وقتها

No comments: