Saturday, June 5, 2010

نعم للتطبيع .. نعم لازدراء الاديان 2

منذ بدأت العمل كمحرر فى الصفحات الثقافية لم اسمع كلمة تتردد اكثر من كلمة تطبيع ومشتقاتها
خلال السنوات الخمس الماضية التى استغرقنى فيها العمل بهذه المهنة تطور وعيى بهذه الكلمة عبر مراحل عدة بدأت بالحماس التام "ضد" كل من "يتهم" بهذه التهمة بصرف النظر عن ادانته بها

متأثرة طبعا بميول قومية مازالت موجودة لدى حتى الان فانا وان كنت انفى ناصريتى الا انى مصابة بفيروس الهوى العربى وبصراحة لا انوى التخلص منه .. الا ان هذا الهوى لم يجعلنى استمر فى عدم مراجعة ما يعده اصحاب الايدولوجيات ثوابت (ولقدرتى الدائمة على المراجعة واعادة التفكير فى المفاهيم العائمة كالتطبيع ينبذنى الناصريون:] ) وهذا النبذ لا يضايقنى بطبيعة الحال
من بين هذه المفاهيم التى اخضعها للمراجعة الدائمة مفهوم التطبيع - هاجس المثقفين وبلواهم-ولانى لست من معشر المثقفين لهذا لا اتعامل مع هذا الامر كهاجس على الاطلاق مما جعلنى افكر مليا فى معنى " التطبيع" .ه

يقول التعريف المتداول لهذه اللفظة الدالة على فعل مؤرق: ان التطبيع هو اقامة علاقات طبيعية تجمع بين الشعوب العربية والكيان الصهيونى (دولة اسرائيل الغير معترف بها من قبل المقفين العرب والمصريين تحديدا وان اعترفت بها حكوماتهم ) ه

فى العام الماضى تم اختيار القدس المحتلة التى يجرى تهويدها على نطاق واسع كعاصمة للثقافة العربية وسرعان ما قرر مجلس الجامعة العربية الذى اختار القدس كعاصمة للثقافة العربية الا تقام اى فعاليات ثقفاية او فنية عربية فى القدس " التى يسمونها القدس العربية " المحتلة بل ان تتولى كل عاصمة عربية اقامة احتفاليات فنية وثقافية بها بديلا عن السفر الى القدس المحتلة. حتى لا يحصل مثقف عربى واحد على التأشيرة الاسرائيلية على جواز سفره مما يعده مطبعا مع الكيان الصهيونى الذى تتولى الجامعة العربية والدول العربية التفاوض معه واقامة علاقات تعاون مخابراتية واقتصادية معه.

لم اعد اعرف ما هو التطبيع .. هل التطبيع هو التعاون مع افراد ومؤسسات فى دولة اقيمت غصبا على اراضى الغير وتنتزع منهم حقهم فى الحياة والمواطنة والاستقلال؟ ( المعنى المنطقى والمقبول والذى اتحمس له تماما) ام عدم الحصول على تأشيرة هذه الدولة على جواز السفر لانها بصراحة هتموت واخد تأشيرتها على باسبورى ؟

ما نتيجة ما حدث العام الماضى بانسحاب العرب من القدس ؟ وما الذى حدث فى الاعوام الماضية نتاج انسحاب العرب تماما من فلسطين خوفا من التأشيرة التى تنجس جوازات سفرهم ووحدها تنقص اسرائيل - فى اعتقادهم- كى تكتسب شرعية وجودها؟ ما هو المقابل والامر الواقع على الارض؟
ما علاقة الاجيال الناشئة فى المدن الفلسطينية المغتصبة بالعرب وثقافتهم وهويتهم التى يبغون فرضها على القدس وعلى فلسطين " بالمناسبة لا يقال القدس فلسطينية. العرب انفسهم يسهمون طوال الوقت فى تغييب اسم فلسطين ونفيه ونفى حقها فى الوجود ليصير الوجود العربى مقابل الوجود الصهيونى

قضية الارض واصحاب الارض تم اسقاطها تماما فى الخطاب العروبى الزاعق" لكن لهذا حديث آخر.

المهم اسرفت كثيرا فى الحديث عن خواطرى حول مسألة التطبيع هذه
لكن اظنها كانت ضرورية لاقول ما ابغى قوله وهو
الم يحن الوقت لان يراجع الزاعقون باتهامات التطبيع مفاهيمهم حول عملية التطبيع التى صارت تستغل الان فى معارك تغييبية لا اهمية حقيقية لها؟

ينشغل المثقفون بمراقبة بعضهم البعض .. من سافر اسرائيل .. من رسم فى اسرائيل من القى قصيدة فى اسرائيل ومن تم ترجمة قصيدة له فى مطبوعة عبرية وهل تم هذا باذنه ام لا؟ فان لم يكن باذنه هل هو اثم قلبه ام لا؟

ما اجمله من انشغال بصراحة . ابهذه الطريقة يشعر المثقفون انهم قادرون على التأثير والدفاع عن الوطن . هل ترجمة ديوان او قصيدة لايمان مرسال هو الذى ادى بنا الى ما نعايشه من بيع الاعضاء تحت اشراف وزارة الصحة؟

هل عرض عمل فنى ما فى القدس لفنان مصرى قضية وطنية وقومية اهم من ارتفاع اسعار المدارس القادرة على تقديم تعليم معقول وانهيار التعليم تماما فى مدارس الدولة؟

لا اقول ان العلاقة مع اسرائيل لا تستحق منا التوقف والتفكير والكتابة والتصدى ايضا لمحاولات فرضها وجعلها طبيعية.. وهو ما ارفضه تماما بشكل شخصى

ولا اقول ان قضية التطبيع قليلة الاهمية ولكن هل يسفك المثقفون ذات القدر من الحبر فى هذه القضاياالاكثر اهمية والاكثر خطورة وصدامية والاكثر تأثيرا؟ هل ينظمون الوقفات الاحتجاجية ويوقعون البيانات ؟ -بصرف النظر عن كون كل هذا ليس تحركا حقيقيا

ما الذى فعله المثقفون فى الشوارع وفى المدارس وفى الجامعات واماكن تجمعات الشباب والعمال وغيرهم بما ان اغلب مثقفينا من اليساريين؟
ما البريق الذى تحمله لفظة تطبيع لتجعلهم يولونها كل هذا الاهتمام
ام ان التصدى لها بالنسبة لهم اامن واسلم من التصدى للقضايا التى ترهق علاقاتهم بالدولة والسيد الوزير ( ليس كلهم بالطبع ولكن لتفصيل هذا ايضا حديث آخر)ه

ولماذا لا يترك كل فرد ليختار ما يشاء
فلتذهب شيماء عزيز الى اسرائيل وتصادق كاتبا اسرائيليا وتصحبه فى زيارات فى شوارع القاهرة فلا يوجد قانون يمنع تجول "القتلة" فى شوارع مصر فاسرائيل دولة صديقة وربما شقيقة ايضا
خالفت قاعدة نقابية؟ حسنا حاسبوها نقابيا ولكن لا تنسوا انها حريتها الشخصية فى ان تفعل ما تؤمن به وتعتقده مهما اختلفت انا وانتم ونحن جميعا معه
لماذا ينادى الثقفون بالحرية ليل نهار ثم يصادرون على حق بعضهم البعض فى الاختيار حتى فى اختيار الخطأ

انظر معى : رب اسرة يجلس مع زوجته مرتديا بيجامة كستور تم تصنيعها فى العاشر من رمضان وفقا لاتفاقية الكويز بجانبه زوجته تقوم بتقوير الباذنجان والكوسة المزروعين بالتعاون مع خبراء زراعيين اسرائيليين يعملون فى مصر منذ استقدمهم الغير مأسوف عليه يوسف والى ، امامهما ابنائهما يلعبان بقطار وطائرة بالريموت كنترول تم استيراد اجزائهما من اسرائيل ويقرأ صحيفة تتحدث عن فنانين شابين قاما بالتطبيع او ممثل شاب مثل فى فيلم يشارك فيه ممثل اسرائيلى
هل نتوقع ان يلقى الاب المذكور اعلاه بالجريدة ويجمع زوجته وابنائه ليقوم بمظاهرة ضد اسرائيل على سلالم نقابة الصحفيين ؟ وان فعل فما الذى غيره هذا من واقع
هل تستحق مثل هذه الاحداث ان تكرس لها اعداد واعداد وصفحات وساعات برامجية ؟
هل تأخذ احداث وقضايا اخرى من المثقفين ذات الاهتمام وذات العدد من الصفحات والساعات البرامجية ؟
بل هل يهتم الناس اصلا بمن سافر الى ماذا ومن مثل مع من ومن ترجم الى اى لغة ؟

ما الذى يفعله المثقفون بالضبط
هل هم مغيبون ؟ ام انهم يمارسون هذا الانسحاب من الواقع ومن مشكلات الناس الحقيقية و التغييب عن عمد؟

هل مشكلاتنا فى مصر سيتم حلها ما ان نقضى على المطبيعين ونتخلص منهم فى الزنازين؟

بالله عليكم لم تقولون ما لا تفعلون ؟ لم تصرون على الا يكون لكم قيمة حقيقية فيما يحدث حولكم ؟ دعوا من يريد السفر لاسرائيل يسافر مادام مقتنعا ومادام يريد ذلك فلستم بقادرين على تغيير افكارهم لانكم لا تناقشون انتم لا تفعلون سوى المصادرة فالمصادرة والمزيد من المصادرة
كما ان المناقشة تتم بهدف الاقناع فان لم يقتنعوا بمواقفكم فهم احرار
هناك ما هو اولى بوقتكم ..ليس بالكتابة والتظاهر وتوقيع البيانات بل بالعمل والتواصل مع الناس

اعزائى المثقفين : ان كان التطبيع " الخوف من التأشيرة الاسرائيلي" ومقاومته"عبر المصادرة على حرية بعضكم البعض والملاحقة والتخوين" هو ما جعلكم لا هم لكم سوى الصياح فى وجوه بعضكم البعض

فنعم للتطبيع. ارجوكم عدوا انفسكم قد كسبتم المعركة او خسرتموها وابدأوا التحرك نحو الفعل واحداث تأثير واصلاح حقيقي

No comments: